بين الاستقلالية والتحيز

المؤلف :محكمة سنغافورة
المصدر:أحكام قضائية
الحياد والإنصاف في التحكيم التجاري: مراجعة قضية (DJK) ضد (DJN)
أمام المحكمة العليا في سنغافورة
يُعتبر الحياد والإنصاف أساس العملية التحكيمية، إذ يساهمان في تعزيز ثقة الأطراف وصون نزاهة الإجراءات. ومع ذلك، تُثار أحيانًا تحديات تتعلق بمصداقية المحكمين وطبيعة قراراتهم. في هذا السياق، تناولت المحكمة العليا في سنغافورة قضية بارزة في 11 نوفمبر 2024، حيث طُلب إبطال حكم تحكيمي بناءً على مزاعم بالتحيز الظاهر.
ملخص الوقائع
تناولت القضية طلبًا من المدعين لإلغاء حكم تحكيمي نهائي صدر عن محكم فرد في نزاع تجاري خضع لإجراءات مركز التحكيم الدولي في سنغافورة (SIAC). استند الطلب إلى اتهامات بأن المحكم أظهر تحيزًا ظاهرًا من خلال قراراته بشأن ضمانات التكاليف ورفضه إلغاء تلك القرارات بناءً على طلب المدعين.
ادعى المدعون أن هذه الإجراءات انتهكت مبادئ العدالة الطبيعية والمساواة المنصوص عليها في القانون النموذجي للتحكيم وقانون التحكيم الدولي لعام 1994. وقد زعموا أن تصرفات المحكم عكست ميلًا ضدهم، مما أثر سلبًا على سير العملية التحكيمية.
الحكم وأسانيده القانونية
رفضت المحكمة العليا في سنغافورة طلب المدعين لإلغاء الحكم التحكيمي، مؤكدةً أن مزاعم التحيز الظاهر لم تصل إلى المستوى المطلوب لإثبات التحيز. وقد استندت المحكمة إلى النقاط القانونية التالية:
-
معيار التحيز الظاهر: أوضحت المحكمة أن التحيز الظاهر يُقاس بما إذا كان مراقب منصف ومتعلم سيشتبه في وجود تحيز بناءً على الوقائع المعروضة.
-
الخلاف مع قرارات المحكم: شددت المحكمة على أن مجرد الخلاف مع قرارات المحكم أو إجراءاته لا يُعد دليلًا كافيًا على وجود تحيز ظاهر.
-
نطاق الصلاحيات: أكدت المحكمة أن المحكم تصرف ضمن نطاق صلاحياته القانونية، مع مراعاة الظروف المالية للمدعين والاعتماد على سوابق قانونية ذات صلة.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظت المحكمة أن المدعين تغيبوا عن جلسات التحكيم بعد فشلهم في الطعن في حياد المحكم. وأشارت إلى أن المحكم بذل جهودًا لضمان العدالة الإجرائية من خلال منح الأطراف فرصًا متعددة لتقديم قضاياهم.
أهمية القضية
تبرز هذه القضية أهمية الحفاظ على نزاهة عملية التحكيم ودعم استقلاليتها كوسيلة فعالة لحل النزاعات التجارية. كما تعكس موقف القضاء في تقليل تدخل المحاكم إلا في حالات وجود أدلة قاطعة على انتهاك العدالة الطبيعية أو وجود تحيز واضح.
يُظهر قرار المحكمة دور القضاء في تعزيز ثقة الأطراف في التحكيم كآلية لحل النزاعات، مع التأكيد على ضرورة التزام المحكمين بأعلى معايير الحياد والإنصاف.