التحكيم التجاري بين حرية الإرادة والقيود القانونية

المؤلف :بومخيلة زكرياء
المصدر:
التحكيم التجاري بين حرية الإرادة والقيود القانونية
تتناول هذه الدراسة التحولات العميقة التي شهدتها نظرية العقد العامة وتأثيرها على التحكيم التجاري، حيث تُعتبر النظرية العامة للعقد الإطار القانوني الأساسي لجميع العقود، بما في ذلك التحكيم التجاري. غير أن التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أضعفت دور هذه النظرية التقليدية، مما أدى إلى تراجع مبدأ سلطان الإرادة وظهور تدخلات تشريعية وقضائية جديدة أثرت على حرية الأطراف في إبرام اتفاقات التحكيم وتنفيذها.
إشكالية البحث
تناقش الدراسة مدى تأثير التراجع في مبدأ سلطان الإرادة على التحكيم التجاري، من خلال التساؤل عن تأثير التحولات القانونية والاجتماعية والاقتصادية على نظام التحكيم، والقيود التي تحد من حرية الأطراف في اختيار المحكمين وتحديد القانون الواجب التطبيق.
الفرضيات المطروحة
- الأصل في التحكيم هو حرية الإرادة، لكن هذه الحرية مقيدة بسبب اعتبارات قانونية وتشريعية.
- تدخل القضاء في التحكيم له دور في تحقيق التوازن بين الأطراف وضمان العدالة.
- النظام العام يشكل قيدًا على حرية الأطراف في اختيار التحكيم كوسيلة لحل النزاعات.
أهم المحاور التي تطرقت إليها الدراسة
- مركز النظرية العامة للعقد في التحكيم التجاري: يتمثل في المبادئ الكلاسيكية مثل القوة الملزمة للعقد، ومبدأ سلطان الإرادة، وتأثير هذه المبادئ على التحكيم التجاري.
- التدخل التشريعي والقضائي: يتجسد في فرض قيود على التحكيم، كاشتراطات شكلية لاتفاق التحكيم، وتحديد موضوعاته، وتدخل القاضي في مراحل التحكيم المختلفة.
- التحولات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية: أدت هذه التحولات إلى تقييد حرية الأطراف، وظهور أنماط جديدة من العقود مثل عقود الإذعان، وإرساء مبادئ حديثة مثل النزاهة والشفافية والتعاون في التحكيم.
نتائج وتوصيات الدراسة
- التحكيم التجاري لا يزال يستند إلى مبدأ سلطان الإرادة، لكنه أصبح أكثر تقييدًا بسبب الاعتبارات القانونية والتنظيمية.
- تدخل القضاء في التحكيم قد يكون ضروريًا لحماية الحقوق وتحقيق التوازن، لكنه قد يشكل عائقًا إذا كان تدخله مفرطًا.
- الحاجة إلى قانون وطني للتحكيم التجاري في الجزائر، يعكس التطورات الحديثة ويواكب القوانين النموذجية الدولية.
- ضرورة تعزيز دور التحكيم المؤسسي ووضع معايير لضمان نزاهة وشفافية الإجراءات التحكيمية.
خاتمة
أكدت الدراسة أن التحكيم التجاري أصبح أداة قانونية متطورة لحل النزاعات، لكنه لم يعد محكومًا فقط بمبدأ سلطان الإرادة، بل تأثر بتغيرات جوهرية فرضت قيودًا تشريعية وقضائية لضمان التوازن والعدالة بين الأطراف. ومن ثم، يتوجب على المشرعين العمل على تطوير القوانين الوطنية بما يحقق التوازن بين حرية الأطراف في التحكيم وضمانات العدالة وحماية النظام العام.