مفهوم التحكيم الذكي وخصائصه
إذ إن التحكيم الذكي (Smart Arbitration) يمثل الجيل الجديد من تسوية المنازعات، الذي يوظف الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في مختلف مراحل العملية التحكيمية.
أولًا: تعريف التحكيم الذكي
التحكيم الذكي هو نظام تحكيم إلكتروني متكامل يعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقنيات التحول الرقمي (Digital Transformation) لإدارة وتسوية المنازعات، سواء في الجانب الإجرائي (تبادل المذكرات، الجلسات، إدارة الأدلة) أو في الجانب الموضوعي (تحليل الوقائع، تقدير الأدلة، أو حتى إصدار قرارات مساعدة)
بمعنى آخر، هو تحكيم يستخدم الخوارزميات الذكية والتعلم الآلي والبلوك تشين (ذاكرة التوثيق) (Blockchain)لتسهيل الإجراءات، وضمان الشفافية، وتسريع الفصل في النزاعات، وهي تشبه نظام برمجية تطبيق الميزان في المحاكم النظامية ، وكما لدى دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية التي تعمل دوما على مواكبة التحديثات وكل ما هو جديد ، نظام التوثيق الذكي الكترونياً . مع بقاء القرار النهائي صادراً عن محكم بشري أو هيئة تحكيم متعددة .
ثانياً: خصائص التحكيم الذكي
1- الرقمنة الكاملة للإجراءات
– تُدار جميع مراحل التحكيم عبر منصات إلكترونية مؤمنة لتقديم الطلبات، الردود، تبادل المذكرات، حضور الجلسات عبر الفيديو، وتوثيق المحاضر إلكترونياً.
2- التحليل الذكي للمنازعات
– يُستخدم الذكاء الصناعي لتحليل نصوص العقود والمراسلات لتصنيف النزاع وتحديد القواعد القانونية المطبقة والخيارات المتاحة للتسوية، وهذا يتطلب قدرات فائقة وامكانيات خبرة كافية لدى المحكمين لمطابقتها مع القواعد القانونية السارية قبل اعتمادها والاخذ بها، فلا يجوز التعامل بها كمسلمات دون التفكر بها.
3- السرعة والدقة
– تقنيات الذكاء الاصطناعي تقلص الوقت اللازم لإدارة النزاع وتمنح المحكم بيانات دقيقة منظمة تسهّل عليه اتخاذ القرار العادل.
4- الشفافية وتتبع الإجراءات (Blockchain)
– يُسجل كل إجراء في سجل رقمي غير قابل للتعديل، مما يضمن النزاهة ويمنع العبث بالأدلة أو المحاضر.
5- الحياد والتجرد
– يمكن للأنظمة الذكية أن تقترح محكمين محايدين اذا كانوا معرفين دولياً او تترك الاقتراح للمؤسسة التحكيمية المختصة أو تحلل التحيز الإجرائي تلقائياً، مما يعزز الثقة في العملية التحكيمية.
6- سهولة الوصول والمشاركة الدولية
– يتيح التحكيم الذكي للأطراف والمحكمين والمراكز المشاركة عن بُعد دون قيود المكان أو الزمان، مما يجعله عابراً للحدود.
ثالثاً: ميزات التحكيم الذكي
1- تخفيض الكلفة والجهد : يقلل من المصاريف الإدارية والسفر، ويختصر الزمن بين الطلب والحكم.
2- تيسير التواصل بين الأطراف وهيئة التحكيم: عبر المنصات التفاعلية، والرسائل الفورية المؤمنة.
3- تأمين سرية عالية: باستخدام تقنيات التشفير وتحديد صلاحيات الوصول.
4- توحيد البيانات والمستندات: بحيث يمكن للأطراف والمحكمين الرجوع إلى قاعدة بيانات موحدة بشكل منظم وآمن.
5- تحسين جودة الأحكام التحكيمية: إذ يمكن للنظام الذكي تنبيه المحكم إلى السوابق القانونية، أو التناقضات في الأدلة، أو الفجوات المنهجية في الحكم قبل اعتماده.
رابعاً: العلاقة بين التحكيم الذكي والواقع الطبيعي: التحكيم الذكي لا يلغي الدور البشري، بل يمزج بين الخبرة الإنسانية والمنطق التقني.
فالعقل الإنساني يبقى المصدر النهائي للحكم والعدالة، بينما الذكاء الاصطناعي يعمل كأداة تحليل ومساندة تُنير للمحكم طريق الفهم، وتُقلّل من الخطأ، وتُعزّز الكفاءة.
ولهذا يقال إن التحكيم الذكي هو "تحكيم إنساني في جوهره، رقمي في وسائله" وهذا لا يتضارب مع قواعد واحكام القوانين المحلية والدولية .
خامساً: تطبيقات التحكيم الذكي في فلسطين والعالم العربي
- يمكن لمراكز التحكيم الفلسطينية (مثل دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية) أن تعتمد تدريجيًا:
- المنصات الإلكترونية لإدارة الملفات التحكيمية.
- استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل العقود.
- توثيق الأحكام عبر نظم البلوك تشين.
- التدريب على مهارات التحكيم الذكي ضمن برامج تأهيل المحكمين.