د. مريم زردومي - موساوي
التحكيم بين الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي والتكنولوجيا:
لقد ثبتت مشروعية التحكيم في القرآن الكريم فيما ينشأ بين الزوجين من شقاق في قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما".
فإذا كان القضاء في الدولة أصبح حكرا عليها وحدها إلا أنه لا يمنعها أن تجيز للأفراد والهيئات القيام بمهمة الفصل في بعض المنازعات ويمثل التحكيم (l’arbitrage) صورة منظمة من صور القضاء الخاص في عصرنا الحاضر. إلا أن التحكيم غير القضاء فهو مؤسسة مختلفة عن هذا الأخير عرفته الأنظمة المختلفة القديمة منها والمعاصرة.
إذ كان التحكيم شائعا بين قبائل العرب في الجاهلية، بل ربما اعتُبر الشكل الرئيسي للعدالة والقضاء بين الأفراد، في مجتمع كان الحق فيه متوقفا على القوة في غالب الأحيان، وقد جوز الشرع الإسلامي التحكيم كما تبنته معظم القوانين الوضعية لأنه نظام فرضته الضرورة، وأملته المصلحة العامة والخاصة على حد سواء.
أما الفرق بين الإفتاء والتحكيم والقضاء، فالإفتاء إخبار، والتحكيم والقضاء إنشاء التزام بالحكم الجزئي في شيء مخصوص، ولحكم القاضي آثار كوجوب التنفيذ، غير أن القاضي ينصبه الهيئة القضائية، بينما المحكم يصدر حكما بتراضي الخصمين اللذين يختاران عرض الخصومة عليه دون أن يكون تعيينه من طرف الهيئة القضائية.
كذلك لا بد من التنويه إلى أن التحكيم أصبح من أهم الوسائل التي يتم اللجوء إليها لحل النزاعات التي تنشأ عن عقود نقل التكنولوجيا.
وعلى هذا الأساس، لا يمكن تجاهل الدور البارز الذي تلعبه التكنولوجيا في تحسين نظام التحكيم الإلكتروني، حيث تطورت التقنيات بشكل ملحوظ مما ساهم في زيادة الكفاءة والشفافية وتمكين المشتركين من الوصول بسهولة إلى جلسات التحكيم.
إذ يمكن تحديد الفوائد الملموسة كالتالي:
الكفاءة والسرعة
توفير التكاليف
سهولة الوصول
الشفافية والتوثيق
الأمان والخصوصية
الاستدعاءات والمرفقات الإلكترونية
الاستدعاءات الدولية
مرونة في الجداول الزمنية
التواصل المحسن
مرونة الجداول
وعليه، من خلال استغلال هذه التقنيات والممارسات، أصبح التحكيم الإلكتروني وسيلة فعالة ومبتكرة لحل النزاعات وتسهيل العمليات في المجال القانوني.
د. مريم زردومي - موساوي
مستشارة في التحكيم التجاري الدولي بالجزائر.