دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية
"اختيار المحكّمين وواجباتهم وحقوقهم".
الاختيار ليس شكليًا... بل قلب العملية التحكيمية
يشدّد الباحث منذ البداية على أن اختيار المحكّم لا يُعد خطوة إجرائية فحسب، بل هو عامل حاسم في رسم مخرجات النزاع. فالمحكّم الكفء العادل يختصر الطريق نحو قرار منصف، بينما قد يكون الاختيار الخاطئ مدخلًا للشك والبطء والانحراف.
معايير الاختيار: مزج بين القانون والخبرة والنزاهة
يُبرز الملف أربعة أبعاد حاسمة في اختيار المحكّمين:
-
الكفاءة القانونية والإجرائية: فهم إجراءات التحكيم، المبادئ الأساسية، القدرة على إدارة الجلسات وكتابة الأحكام.
-
الخبرة الفنية المتخصصة: لا سيما في التحكيم الهندسي، حيث يشترط الفهم الدقيق لطبيعة المشاريع والمصطلحات الفنية.
-
الأهلية الأخلاقية والعقلية: العدالة، الاستقلال، النزاهة، وسلامة الحواس.
-
اللغة والقدرة التواصلية: لتفادي الترجمة المربكة، خصوصًا في النزاعات التقنية المعقدة.
عدد المحكّمين: هل الأفضل محكّم واحد أم هيئة ثلاثية؟
يناقش المؤلف فكرة العدد، موضحًا أن الكلفة والوقت هما عوامل ضغط لاختيار محكّم منفرد، لكن التعدد يوفّر توازنًا أعمق عند تباين وجهات النظر أو في القضايا ذات البعد المالي الكبير. التوصية الأساسية؟ أن يكون النص التحكيمي (شرطًا أو مشارطة) محددًا بوضوح في هذا الجانب.
واجبات المحكّمين: ما بين القانون والأخلاق
يُقسّم الملف الواجبات إلى ثلاثة مستويات مترابطة:
-
واجبات تجاه الأطراف: الحياد، حسن الاستماع، الحسم، المساواة.
-
واجبات قانونية: الالتزام بالقوانين المختارة، احترام حدود التكليف، عدم تجاوز ولاية التحكيم.
-
واجبات أخلاقية: السرية، تجنب تضارب المصالح، الامتناع عن قبول أي هدية أو منفعة.
حقوق المحكّمين: استقلالهم ضمان لنزاهتهم
في المقابل، لا يُغفل المؤلف حقوق المحكّمين، التي تضمن قيامهم بمهامهم بثقة وحيادية:
-
الحق في أتعاب عادلة تُحدَّد مسبقًا وفق طبيعة النزاع وحجمه.
-
الحصانة من المقاضاة، باستثناء حالات الإهمال الجسيم أو سوء النية.
قراءة ختامية: تنظيم التحكيم يبدأ بتنظيم المحكّمين
يعكس هذا الملف وعيًا عميقًا بأهمية المحكّم كمفتاح العدالة في سياق التحكيم، لا سيما في النزاعات التي تتطلب فهمًا فنيًا وقانونيًا متقاطعًا.
إن ما يطرحه الباحث هو دعوة ضمنية لتقنين معايير اختيار المحكّمين، ووضع مدوّنة أخلاقيات واضحة لهم، وتحقيق التوازن بين مسؤولياتهم وحقوقهم.
? هذا المقال التحليلي يدعو كافة المؤسسات والمراكز والممارسين إلى مراجعة سياسات تعيين المحكّمين، والنظر إليهم كجهات عدلية مؤقتة، تُحتّم مسؤوليات جسيمة، وتتطلب استقلالًا كاملًا، لتحقيق العدالة خارج أسوار المحاكم.
???? للمزيد من الدراسات المتخصصة، ندعوكم لتصفح مكتبتنا العلمية على موقع دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية.